فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

بسمه تعالی

 

فهرست مطالب:

المحرمات فی الشریعة. 2

تجسيم ذوات الارواح.. 2

الرواية الاولى: صحيحة محمد بن مسلم. 4

ایرادات.. 4

الرواية الثانية: 6

ایرادات.. 7

الرواية الثالثة: 10

الرواية الرابعة: 10

الرواية الخامسة: 10

المختار: حرمة تجسیم ذوات الارواح. 11

حکم رسم صور ذوات الارواح.. 12

ادلة الحرمة. 12

رواية الصدوق لمناهي النبي.. 13

مناقشه. 13

موثقة ابي بصير. 13

رواية تحف العقول. 13

مناقشه. 14

الروايات الناهية عن التماثيل.. 14

ما ورد في أن من صوّر صورة كلّفه الله أن ينفخ فيها 15

المختار: البراءة عن حرمة نقش ذوات الارواح. 15

حکم تجسیم الناقص15

المختار. 16

 

 

 

المحرمات فی الشریعة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الارضين واللعن على اعدائهم اجمعين.

يقع الكلام في الافعال المحرمة في الشريعة، ونتعرض اولاً، لأهمّ الموارد التي تعرض لها الشيخ الاعظم “قده” في المكاسب المحرمة.

تجسيم ذوات الارواح

الاول: تجسيم ذوات الارواح، فذكر الشيخ الاعظم “قده”: تصوير صور ذوات الأرواح حرام إذا كانت الصورة مجسّمة بلا خلاف فتوى و نصّا، و كذا مع عدم التجسّم، وفاقا لظاهر النهاية و صريح السرائر و المحكيّ عن حواشي الشهيد و الميسيّة و المسالك و إيضاح النافع و الكفاية و مجمع البرهان و غيرهم.

اقول: وافق السيد الخوئي “قده” في مصباح الفقاهة الشيخ الاعظم “قده” في الفتوى بحرمة رسم صور ذوات الارواح بالقلم والظاهر الاتفاق على عدم حرمة التصوير بآلات التصوير والذي يسمى بالفوتوغرافي، وقبل ان نبحث عن مقتضى الروايات فيه لا بأس أن نشير الى أنه وان كان القول بحرمة صنع مجمسة ذوات الارواح هو المشهور، لكن لا يتم نفي الخلاف فيه، فان الشيخ الطوسي “ره” ذكر في التبيان في تفسير قوله “ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ” أي اتخذتموه إلهاً، لأنّ بنفس فعلهم لصورة العجل لا يكونون ظالمين، لأنّ فعل ذلك ليس بمحظور و إنما هو مكروه، و ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه لعن المصوّرين معناه: من شبّه اللّه بخلقه أو اعتقد فيه أنّه صورة، فلذلك قدّر الحذف في الآية كأنّه قال: اتخذتموه إلها‌[1]، ونحوه ما في مجمع البيان[2] والتبيان آخر كتاب ألّفه الشيخ كما قاله ابن ادريس في السرائر[3]، والمهم كون الاجماع في المسألة مدركيا بعد كثرة الروايات الواردة في المقام، فلا يكون كاشفا عن الارتكاز المتشرعي المتصل بزمان الائمة (عليهم السلام)، فلو تمت المناقشة في الروايات انفتح المجال أمام الفقيه للفتوى بالجواز مع كثرة ابتلاء الناس بصنع المجسمات ذوات الارواح، من لعب الاطفال، بل قد يكون لاغراض غير لهوية كصنع ما يسمى ب‍الروبات، او قد يكون لاغراض تعليمية كصنع مجسمة الانسان لتعليم طلبة علم الطب، وقد كان شيخنا الاستاذ “قده” يفتي بكراهته دون حرمته[4]، لمناقشته في تلك الروايات إما سندا او دلالة، والسيد الإمام قده” وان كان يفتي بحرمة صنعنها لكن يظهر منه اختصاص الحرمة بالصنع باليد لا في المصانع الذي تخلق المجسمة، فقال: إنّ الظاهر من الأدلّة هو حرمة تصوير الصور و تمثيل المثال، و هما لا يشملان إلّا للمصنوع بيد الفاعل مباشرة بمعنى صدور عمل التصوير منه و بيده، كما كانت صنعة الصور كذلك في عصر صدور الروايات‌، فلا يشملان لإيجاد الصور كيف ما كان.

فلو فرضت ماكينة صنعت لإيجاد المجسّمات و باشر أحد لاتصال القوّة الكهربائيّة بها فخرجت لأجلها الصور المجسّمة منها، لم يفعل حراما و لم تدلّ تلك الأدلّة على حرمته، لعدم صدق تصوير الصور و تمثيل المثال عليه. فلو نسبا إليه كان بضرب من التأويل و التجوّز، فإنّ ظاهر “من صوّر صورا أو مثّل مثالا” سيّما في تلك الأعصار صدورهما من قوّته الفاعلة، فيكون هو المباشر لتصويرها.

فكما أنّ قوله: “من كتب كتابا” لا يشمل من أوجد الكتابة بالمطابع المتعارفة أو أخذ الصورة منه، فمباشر عمل المطبعة و أخذ الصور ليس كاتبا و لا كتب شيئا، كذلك صاحب الماكينة العاملة للصور و كذا المصوّر ليسا مصوّرين و ممثّلين للصور و المثل إلّا بضرب من التأويل و التجوّز، و لا يصار إليه إلّا بدليل و قرينة، من غير فرق بين الصور المنطبعة في الزجاجة و المنعكسة منها إلى الصحائف، و إن كان عدم الصدق في الأوّل أوضح.

نعم، لو كان وجود شي‌ء مبغوضا في الخارج كان إيجاده بأيّ نحو كذلك، لاتحاد الإيجاد و الوجود ذاتا و إنّما اختلافهما بالاعتبار، تأمّل، لكن لم يحرز في المقام ذلك، بل سيأتي أنّ الأقوى جواز اقتناء الصور و عدم وجوب كسرها، فعليه لا دليل على حرمة إيجادها بأيّ نحو كان.

إلّا أن يدّعى أنّ ذلك المدّعى لو تمّ في مثل قوله: “من صوّر صورة أو مثالا” لا يتمّ في مثل قوله: “مثّل مثالا”، فإنّ الظاهر منه حرمة مثول المثال و هو شامل للإيجاد، أو مخصوص به، أو يدّعى إلغاء الخصوصيّة عرفا و فهم الإيجاد التسبيبي من الأدلّة بإلغائها، و هما أيضا محلّ إشكال و منع، لأنّ الظهور المدّعى إنّما هو لهيئة الفعل فإنّها ظاهرة في الإيجاد المباشري إلّا مع قيام قرينة من غير فرق بين الموارد، بل الظاهر من قوله “من مثّل صورة أو مثالا” هو تصوير الصورة و تمثيلها بقدرته و علمه بذلك الصنع، و المباشر لاتّصال القوّة بالمكينة أو لإلقاء الجصّ في القالب ربّما لا يكون مصوّرا و عالما بالتصوير و لا قادرا عليه.

نعم، في بعض الأحيان تقوم القرينة على التعميم، أو على التخصيص بغير المباشرة، و هو أمر آخر.

و أمّا في مثل المقام الذي كان المتداول في التصوير و التمثيل تحصيلهما بمباشرة اليد و قدرة الصنع، و ربما يفعل بمثل المكائن و القوالب كما في هذا العصر و لم يكن ذلك أيضا متداولا في تلك الأعصار حتى يكون التداول قرينة على إرادة الأعمّ، فالظاهر من الأدلّة هو النحو الأوّل، و التعميم يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

و دعوى إلغاء الخصوصيّة أيضا ممنوعة، و لا أقل من الشكّ فيه. نعم لو كان وجودها مبغوضا كان الأمر كما ذكر و يأتي الكلام فيه، و لكن الاحتياط بتركه مطلقا لا ينبغي أن يترك[5].

هذا وقد يقال: انه يستفاد من الروايات أنّ المنع عن التصوير كان بلحاظ ما ورثوا من أسلافهم من توهّم القداسة للصور، فإذا فرض عدم الاحترام و التقديس فلا منع، فالمنع يكون يختص بذلك الزمان الذي بقيت قداسة المجسمات في نفوس الناس او كان التجسيم في معرض ذلك[6].

وكيف كان: فلابد من ملاحظة الروايات:

الرواية الاولى: صحيحة محمد بن مسلم

قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر فقال لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان[7].

وتقريب الاستدلال بها أن مفهومها أنه ان كان التمثال فردا من الحيوان ففيه بأس، واطلاقه موضوعا يقتضي تعلق البأس بصنعه، واطلاقه حكما يقتضي كون البأس تحريميا، اي غير مقرون بالترخيص، وقد ذكر الشيخ الاعظم “قده” أن هذه الصحيحة أظهر ما في الباب من حيث شمولها للصورة بنحو النقش، و ذلك بقرينة تمثال الشمس و القمر الذي يكون بالنقش عادة.

ایرادات

واورد عليه السيد الامام “قده” أوّلا: أنّ محلّ البحث هو حكم عمل التصوير، و ليس وجه السؤال في الصحيحة معلوما لاحتمال أن يكون السؤال عن اللعب بها أو عن اقتنائها أو عن تزويق البيوت بها أو عن الصلاة في قبالها. و دعوى الانصراف إلى تصويرها ممنوعة، بل يمكن أن يقال: إنّ السؤال عن التماثيل بعد الفراغ عن وجودها.

و ثانيا: منع ظهورها في الحرمة، و ما يقال: إنّ البأس هو الشدّة و العذاب المناسبان للحرمة كما ترى، فإنّ استعمال “لا بأس” في نفي المرجوحيّة و الكراهة شائع.

وثالثا: ان ما ذكر من كون المتعارف نقش تمثال الشمس و القمر لا تجسيمهما فهو ممنوع، بل كان تجسيمهما ذلك الزمان متعارفا، وحينئذ فلا اطلاق في عقد المستثنى لنقش الحيوان لعدم كون الكلام مسوقا لبيان حكم المستثنى حتى يؤخذ باطلاقه[8].

كما ذكر شيخنا الاستاذ “قده” أنها لا دلالة لها على عدم جواز التصوير بمعناه المصدري، حيث ان من المحتمل رجوع السؤال فيها الى اقتناء الصور، لا يقال: على تقدير كون المراد منها السؤال عن الاقتناء تكون دالة على حرمة التصوير ايضا، حيث ان حرمة الاقتناء لازمها حرمة صنعها، إذ لا يحتمل حرمة اقتناء الصورة و جواز صنعها، فتثبت حرمة الصنع على كل تقدير، إما بدلالتها المطابقية، أو الالتزامية، فإنه يقال: إذا كان النهى فيها عن الاقتناء فيحمل على الكراهة لا محالة، لما يأتي من القرينة الواضحة عليها، و كراهة الاقتناء لا تلازم حرمة العمل[9].

وقد يجاب عن هذا الاشكال بأنّه لا مانع من الأخذ بإطلاق السؤال و الجواب، إذ المفروض تعلّق السؤال بالذوات و هي لا يتعلق بها حكم شرعي إلّا بلحاظ الأفعال المتعلقة بها، فإذا فرض هنا أفعال مختلفة متعلّقة بها و كان الجميع محلا للابتلاء فترك استفصال الإمام (عليه السّلام) يكون دليلا على العموم.

وفيه أن النهي حيث لا يتعلق بالتمثال، بل لابد من تعلقه بفعل المكلف، فمتعلق النهي محذوف، وحذف المتعلق يوجب الاجمال، وليس مفيدا للعموم، فقول محمد بن مسلم “سألته عن تماثيل الشجر والشمس والقمر” مجمل من حيث المسؤل عنه وأنه هل هو صنعها او الانتفاع بها، فان احرزنا اجمال السؤال الموجه الى الامام (عليه السلام) فترك استيضاح الامام يوجب انعقاد الاطلاق في جوابه (عليه السلام) ولكننا نحتمل أن سؤاله كان واضحا في حد ذاته وانما صار مجملا لنا او نقله الراوي مجملا فلا ينعقد الاطلاق في جواب الامام، وحيث يحمل النهي عن تمثال الحيوان بناء على ارادة الاقتناء على الكراهة بمقتضى الروايات فلا يكون العلم الاجمالي بالنهي عن الصنع او الاقتناء منجزا، والدليل على عدم حرمة الاقتناء صحيحة علي بن جعفر قال: سألته عن البيت قد صور فيه طير أو سمكة- أو شبهه يلعب به أهل البيت- هل تصلح الصلاة فيه- قال لا حتى يقطع رأسه أو يفسده- و إن كان قد صلى فليس عليه إعادة[10]، وهذه الرواية لها سندان: احدهما البرقي في محاسنه عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر، والآخر الحميري عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر والسند الاول تام، وما ذكره بعض السادة الاعلام “دام ظله” من أن كتاب المحاسن كان مهجورا منذ اعصارٍ، فليست نسخه مشهورة فليس بمهم، لحصول الوثوق بعد عدم اضطراب في المتن المنقول الذي نقله.

وان كان في السند الثاني اشكال لعدم ورود توثيق في حق عبد الله بن الحسن وان حاولنا اثبات وثاقته لاكثار الحميري الرواية عنه، وهذه الصحيحة هي المستند لجواز اقتناء مجسمة ذي الروح، وأما صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن التماثيل في البيت فقال لا بأس إذا كانت عن يمينك و عن شمالك و عن خلفك أو تحت رجليك و إن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا[11]، فهي مطلقة من حيث كون التمثال ذا روح وغير ذي روح، فلا تجدي شيئا، حيث ان امر الصحيحة السابقة لمحمد بن مسلم كان دائرا بين كون المراد منها النهي عن صنع مجسمة ذي الروح او كون المراد منها النهي عن اقتناءها وعلى الثاني تكون مخصصة لهذه الصحيحة الثانية لمحمد بن مسلم، فتكون حجة إما على حرمة صنع مسجمة ذي الروح، او حرمة اقتناءها وتدل بالفحوى على حرمة الصنع، فالمهم صحيحة علي بن جعفر.

وأما ذكره السيد الامام في الاشكال الثاني من أن مفهوم نفي البأس وهو ثبوت البأس في تمثال الحيوان اعم من الحرمة ففيه أن ظاهره الحرمة ولا اقل من كونه حجة عقلائية عليها كما هو رأيه في صيغة النهي، فهل ترى أنه لو قال المولى لعبده “ان كان السائل فقيرا فلا بأس أن تعطيه درهما” أنه لو كان السائل غنيا فاعطاه الدرهم لم يستحق العقاب؟.

وأما ما ذكره من أن هذا الاستثناء ليس له اطلاق بالنسبة الى حرمة جميع انواع التمثال كرسم الحيوان من دون تجسيم، فهذا اشكال عام في عموم المستثنى بعدم ظهور الجملة الاستثنائية الا في كون المقصود بالأصالة هو بيان حكم المستثنى منه، لاالمستثنى، فلو قال شخص “لااطالع كتابا الا كتاب من كان فقيها” فلايعني أنه يطالع كتاب كل فقيه، او قال “لاآكل طعاما الا ما كان فيه ملح” فلايعني أنه يأكل كل طعام يكون فيه ملح، وهكذا لو قيل “لايجوز التقليد الامن المجتهد” فهذا لا يفيد جواز التقليد من كل مجتهد، والصحيح تمامية الاطلاق في المستثنى بشهادة الوجدان بصحة التمسك بعموم المستثنى في مثل “لاتكرم الفاسق الا اذا كان عالما” او “اكرم العالم الا اذا كان فاسقا” ويشهد على ذلك انه لو قال المولى لعبده اولاً “لاتدخل عليّ أحدا” ثم قال “لاتدخل عليّ الا من کان عالما” فأدخل عليه العبد عالما فاسقا لم‌يصح أن يعاتبه المولى بأنك لم‌‌ادخلت عليّ هذا العالم الفاسق، وهذا يعني أن العرف يفهم منه الاطلاق، وبذلك يتم مفهوم الاستثناء، وأما النقض بمثل قوله “لااطالع الكتب الا كتاب الفقيه” و”لاآكل من الطعام الا ما كان فيه ملح” و”لايجوز التقليد الامن المجتهد”، فجوابه أنه في هذه الامثلة توجد قرينة عرفية على كون المتكلم في مقام الاهمال بلحاظ المستثنى، وأنه في مقام بيان الشرطية ولا اطلاق لها لنفي شرطية شيء آخر، مثل قوله “لاصلاة الا بطهور”، بل في مثال “لايجوز التقليد الا من المجتهد” قد ارتكز في الاذهان اعتبار شرائط في جواز تقليد المجتهد، فلايظهر من هذا الخطاب أنه في مقام الغاء تلك الشرائط.

وكيف كان فلم تتم دلالة الرواية الاولى.

الرواية الثانية:

ما في المحاسن عن أبيه عن ابن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الإسلام[12]، ورواه في التهذيب باسناده عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن ابي الجارود عن الاصبغ بن نباتة[13] .

ایرادات

وسندها ضعيف من جهتين:

1- الاشكال في وثاقة محمد بن سنان، فقال النجاشي: هو رجل ضعيف جدا لايعول عليه و لا يلتفت إلى ما تفرد به[14]، وقال في ترجمة مياح المدائني: ضعيف جدا، له كتاب يعرف برسالة مياح، وطريقها أضعف منها، وهومحمد بن سنان[15]، وقال الشيخ “ره”: محمد بن سنان ضعيف[16]، وقال في التهذيب والاستبصار: محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا، وما يستبد بروايته ولايشركه فيه غيره لايعمل عليه[17].

وقد ضعفه المفيد في رسالته العددية فقال: محمد بن سنان مطعون فيه، لاتختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لايعمل عليه في الدين.

ونقل الكشي عن محمد بن مسعود العياشي قال عبد الله بن حمدويه: سمعت الفضل بن شاذان يقول: لاأستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان، وذكر الفضل في بعض كتبه أن من الكاذبين المشهورين ابن سنان، و ليس بعبد الله.

ومع هذه التضعيفات لا يجدي ما ذكره الشيخ المفيد في الارشاد من أن محمّد بن سنان ممّن روى النصّ على الرضا من أبيه عليهما السلام، وانّه من خاصّته و ثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته[18].

2- الاشكال في وثاقة ابي الجارود زياد بن المنذر الهمداني، وان وثقه السيد الخوئي “قده” لوجهين: احدهما: شهادة الشيخ المفيد “ره” في الرسالة العددية بأنه من الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام، و الفتيا و الأحكام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق إلى ذم واحد منهم، ثانيهما: وروده في تفسير علي بن ابراهيم القمي، وقد قال في ديباجة التفسير: نحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي الينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم.

اقول: أما شهادة المفيد فالاعتماد عليها مشكل، فان ما ذكره يشتمل على تعظيم وتجليل شديد لايتلائم مع ما هو المسلَّم من ضلالته وان فرض كونه ثقة في حديثه، بل كلامه في الرسالة العددية ليس ظاهرا في توثيق كل واحد واحد من الرواة الذين ذكر رواياتهم، فانه ذكر فيها اولاً أن ما تعلق به اصحاب في ان شهر رمضان لايكون اقل من ثلاثين يوما فهي احاديث شاذة قد طعن نقاد الآثار من الشيعة في سندها، فمن ذلك حديث رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن‌ محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا‌، وهذا الحديث شاذ نادر غير معتمد عليه طريقه محمد بن سنان و هو مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته و ضعفه و ما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين[19]، ثم قال: أما رواة حديث أن شهر رمضان شهر من شهور السنة يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما‌ هم فقهاء أصحاب أبي جعفر و أبي عبد الله و أبي الحسن موسى بن جعفر و أبي الحسن علي بن موسى و أبي جعفر محمد بن علي و أبي الحسن علي بن محمد و أبي محمد الحسن بن علي (عليهم السلام) والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق إلى ذم واحد منهم و هم أصحاب الأصول المدونة و المصنفات المشهورة، فممن روي عن أبي جعفر الباقر هو محمد بن مسلم، ومحمد بن قيس، وروى محمد بن سنان عن أبي الجارود قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) يقول صم حين يصوم الناس و أفطر حين يفطر الناس فإن الله جعل الأهلة مواقيت، ثم ذكر روايات رواة آخرين[20]، فترى أنه ذكر رواية محمد بن سنان في عدد روايات الرؤساء الاعلام ممن لايطعن عليهم بشيء، مع أنه طعن فيه قبل صفحات طعنا عظيما، فيفهم منه أن نظره كان الى مجموع الرواة لهذه الاحاديث من حيث المجموع، لاالى كل واحد واحد منهم.

وأما تفسير القمي فحتى لو تم مبنى التوثيق العام لرجال هذا التفسير، فكما ذكر المحقق آغا بزرك الطهراني “ره” ليس كله تفسير القمي بل ادرج فيه تفسير ابي الجارود، وعادة حينما ينتهي من نقل ما في تفسيره يقول بعد ذلك “رجع الى تفسير علي بن ابراهيم”.

أما نقل ابي الجارود عن اصبغ بن نباتة صاحب امير المؤمنين (عليه السلام) فغير بعيد، لما قال النجاشي عنه أنه كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السلام) و عُمِّر بعده[21]، و روى عنه جماعة من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) كأبي الجارود، و أبي حمزة، و أبي الصباح الكناني، و أبي مريم، و الحارث بن المغيرة، و سعد الإسكاف، و سعد بن طريف، و عبد الحميد الطائي، ومسمع[22] وقد نقل عنه ابو الجارود في عدة موارد[23]، فالمهم الاشكال في السند من جهة ابن سنان وابي الجارود.

وقد ذكر السيد الامام “قده” أن هذه الرواية وأمثالها مثل ما عن رسالة لب اللباب للقطب الراوندي أنه روي أن من سحر فقد كذب على الله ومن صور التصاوير فقد ضاد الله و من تراءى في عمله فقد استخف بالله، وما في منية المريد للشهيد الثاني عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي و رجل يضل الناس بغير علم أو مصور يصور التماثيل[24]، ‌وما في كتب العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) إن من أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون[25]، بمناسبة الحكم و الموضوع، هو كون المراد بالتماثيل و الصور فيها هي تماثيل الأصنام التي كانت مورد العبادة، فإنّ تلك التوعيدات و التشديدات لا تناسب مطلق صنع المجسّمة او رسم صور ذوات الارواح، ضرورة أنّ صنعها ليس أعظم من القتل أو الزنا ‌أو اللواط أو شرب الخمر و غيرها من الكبائر.

فالظاهر أنّ المراد منها تصوير التماثيل التي هم لها عاكفون، مع احتمال آخر في الأخيرة و هو أنّ المراد بالمصوّرون القائلون بالصورة في اللّه تعالى، كما هو مذهب معروف في ذلك العصر، و المظنون الموافق للاعتبار و طباع الناس، أنّ جمعا من الأعراب بعد هدم أساس كفرهم و كسر أصنامهم كانت علقتهم بتلك الصور و التماثيل باقية في سرّ قلوبهم، فصنعوا أمثالها حفظا لآثار أسذلافهم و حبّا لبقائها، كما نرى حتى اليوم علاقة جمع بحفظ آثار المجوسيّة و عبدة النيران في هذه البلاد حفظا لآثار أجدادهم، فنهى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) عنه بتلك التشديدات و التوعيدات التي لا تناسب إلّا للكفّار و من يتلو تلوهم، قمعا لأساس الكفر و مادّة الزندقة و دفعا عن حوزة التوحيد.

و عليه تحمل‌ رواية ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): بعثني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في هدم القبور و كسر الصور، و‌ رواية السكوني عنه، قال: قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى المدينة فقال: لا تدع صورة إلّا محوتها، و لا قبرا إلّا سوّيته، و لا كلبا[26] إلّا قتلته[27]، فإنّ بعث النبي عليا (عليهما السلام) أمير المؤمنين لذلك دليل على اهتمامه به، و الظاهر‌أنّ الصور كانت صور الهياكل و الأصنام و من بقايا آثار الكفر و الجاهليّة، و لعلّ أمره بهدم القبور لأجل تعظيم الناس إيّاها بنحو العبادة للأصنام و كانوا يسجدون عليها، كما يشعر به بعض الروايات الناهية عن اتخاذ قبر النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) قبلة و مسجدا، فعن الصدوق، قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا تتّخذوا قبري قبلة و لا مسجدا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ لعن اليهود، حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد[28]، و يشهد له بعد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمير المؤمنين لهدم القبور و كسر الصور لكراهة بقائهما و سيأتي جواز اقتناء الصور المجسّمات، و أمّا على ما ذكرناه يكون الحكم على وجه الإلزام كما يساعده الاعتبار[29].

وفيه أنه كما ذكر شيخنا الاستاذ “قده”[30] ان ما في الرواية من الحكم بالخروج عن الاسلام خروج حكمي عن الإسلام نظير قوله سبحانه‌ “وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ” وقوله “من اصبح ولم يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم” و “من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم” و الا فصنع الصنم ايضا لا يوجب الخروج عن الإسلام، و الحاصل أن التصوير لا يقلّ وزرا عن تجديد القبر و تعميره، و قد ذكر في الحديث خروج من جدد القبر عن الإسلام، فالعمدة ضعف سند هذه الروايات، وحيث يحتمل كونها رواية واحدة نقلت بأشكال مختلفة فلا يحصل العلم بصدورها اجمالا.

الرواية الثالثة:

ما رواه البرقي في المحاسن عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير وروى الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد و الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاني جبرئيل و قال يا محمد- إن ربك يقرئك السلام- و ينهى عن تزويق البيوت- قال أبو بصير فقلت و ما تزويق البيوت- فقال تصاوير التماثيل[31]، وهي دالة على النهي عن تزيين البيوت بصور التماثيل وقد يستدل بفحواها على حرمة صنعها ولو فرض تمامية ذلك فالمهم ما سبق في الجواب عن الرواية الاولى من قيام الدليل الخاص وهو صحيحة علي بن جعفر على حلية تزيين البيوت بالتماثيل.

الرواية الرابعة:

صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس بتماثيل الشجر[32]، بدعوى ظهور الوصف في المفهوم في الجملة، فيفهم منه المنع عن التماثيل في الجملة والمتيقن منه مجسمة ذوات الارواح، وفيه أن من المحتمل كون المراد من مفهومها النهي عن اقتناء مجسمة ذوات الارواح وتزيين البيوت بها، فلو كان هذا هو المراد من المفهوم فيها فيحمل على الكراهة بقرينة صحيحة علي بن جعفر السابقة.

الرواية الخامسة:

ما رواه الصدوق بإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه (عليه السلام) في حديث المناهي قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن التصاوير و قال من صور صورة كلفه الله تعالى يوم القيامة أن ينفخ فيها و ليس بنافخ و نهى أن يحرق شي‌ء من الحيوان بالنار و نهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد و نهى أن ينقش شي‌ء من الحيوان على الخاتم.

ونحوها ما في الخصال عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن الحسن الميثمي عن هشام بن أحمر و عبد اللهِ بنِ مسكان جمِيعا عن محمدِ بنِ مروان عن أبِي عبدِ الله (عليه السلام) قال سمعته يقول ثلاثة يعذبون يوم القيامة من صور صورة من الحيوان يعذب حتى ينفخ فيها و ليس بنافخ فيها و المكذب في منامه يعذب حتى يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقد بينهما و المستمع إلى حديث قوم و هم له كارهون يصب في أذنه الآنك و هو الأسرب.

وايضا ما في الخصال عن الخليل بن أحمد عن أبي جعفر‌ الدبيلي عن أبي عبد الله عن سفيان عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صور صورة عذب و كلف أن ينفخ فيها و ليس بفاعل و من كذب في حلمه عذب و كلف أن يعقد بين شعيرتين و ليس بفاعل و من استمع إلى حديث قوم و هم له كارهون- يصب في أذنيه الآنك يوم القيامة قال سفيان الآنك الرصاص[33].

وفي محاسن البرقي عن محمد بن علي أبي جميلة عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إن الذين يؤذون الله و رسوله هم المصورون يكلفون يوم القيامة أن ينفخوا فيها الروح‌، وعن محسن بن أحمد عن أبان بن عثمان عن الحسين بن منذر قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ثلاث معذبون يوم القيامة رجل كذب في رؤياه يكلف أن يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقد بينهما و رجل صور تماثيل يكلف أن ينفخ فيها و ليس بنافخ و المستمع بين قوم و هم له كارهون يصب في أذنيه الآنك و هو الأسرب‌[34]

ورواية علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من مثل تمثالا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح[35]

ولم ار من ناقش في دلالتها على حرمة صنع مجسمة ذوات الارواح، فان الامر بأن ينفخ فيها وليس نافخ ظاهر في تعذيب وقد صرح به في رواية محمد بن مروان، وانما وقع الكلام في شمولها لنقش صورها من دون تجسيم فقال الشيخ الاعظم “ره” قد يستظهر اختصاصها بالمجسَّمة، من حيث إنّ نفخ الروح لا يكون إلّا في الجسم، و إرادة تجسيم النقش مقدمة للنفخ ثم النفخ فيه خلاف الظاهر، ثم أجاب بأنَّ النفخ يمكن تصوّره في النقش بملاحظة محلِّه، بل بدونها كما في أمر الإمام (عليه السلام) الأسد المنقوش على البساط بأخذ الساحر في مجلس الخليفة[36] أو بملاحظة لون النقش الذي هو في الحقيقة أجزاء‌ لطيفة من الصبغ، فمثل هذا لا يعدّ قرينة عرفاً على تخصيص الصورة بالمجسّم[37].

وان كان ما ذكره خلاف الظاهر، فان ظاهر الامر بالنفخ هو القابلية العرفية للنفخ ولكن المأمور عاجز عنه وهذا لا يكون عرفا الا في المجسمة.

المختار: حرمة تجسیم ذوات الارواح

وكيف كان فالمهم في المناقشة في الاستدلال بهذه الروايات على حرمة صنع مجسمة ذوات الارواح الاشكال في سندها، كما اشكل بذلك شيخنا الاستاذ “قده” لكن يمكن دعوى حصول الوثوق بصدور بعض هذه الروايات، خصوصا مع ضم الروايات السابقة الواردة بعنوان الرواية الثانية والتي قبلنا دلالتها خلافا للسيد الامام “قده”، بل بناء على ما اخترناه من حجية مراسيل ابن ابي عمير يتم سند مرسلة ابن ابي عمير.

فالانصاف تمامية الدليل على حرمة صنع مجسمة ذوات الارواح، وما ورد في بعض الكلمات من أنه يستفاد من الروايات أنّ المنع عن التصوير كان بلحاظ ما ورثوا من أسلافهم من توهّم القداسة للصور، فإذا فرض عدم الاحترام و التقديس فلا منع، فالمنع يكون يختص بذلك الزمان الذي بقيت قداسة المجسمات في نفوس الناس او كان التجسيم في معرض ذلك[38]، ففي غاية البعد، فانه لم يبق في نفوس المسلمين اي تقديس للاصنام في زمان ابي جعفر وابي عبد الله (عليهما السلام) الوارد عنهما كثير من هذه الروايات.

وعليه فما كان يفتي به شيخنا الاستاذ “قده” في رسالته الفارسية من كراهة صنع مجسمة ذوات الارواح غير متجه وقد عدل عنه الى الاحتياط الوجوبي بالحرمة في منهاج الصالحين، كما لا يتجه فتوى جمع من المعاصرين بعدم الحرمة[39].

وقد يخطر بالبال أن العنوان المتعلق للحرمة تمثيل المثال وهذا لا يبعد شموله لنفخ بعض ما صنع اليوم من البلاستيك ويقبل نفخ الهواء بحيث يصير مثال الحيوانات، وان لم يصدق عليه صنع المثال “مجسمه سازى” فان الحكم لايدور مداره، نعم لو تمت شبهة انصراف تمثيل المثال الى ما كانوا يفعلونه في ذلك اليوم من صنع المجسمة، كان مقتضى الاصل البراءة عن حرمته.

حکم رسم صور ذوات الارواح

هذا وأما نقش ذات الارواح ورسم صورها “نقاشى موجودات جان دار” او حفرها، فالظاهر جوازه خلافا لجماعة كالشيخ الاعظم والسيد الخوئي[40] “قدهما”،

ادلة الحرمة

فان ما يستدل به على حرمته عدة امور:

رواية الصدوق لمناهي النبي

1-          ما ورد في رواية الصدوق لمناهي النبي (صلى الله عليه وآله) باسناده (المذكور في مشيخة الفقيه بقوله: و ما كان فيه عن شعيب بن واقد، في‌ المناهي: فقد رويته: عن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع، قال حدثني أبو عبد الله عبد العزيز بن محمد بن عيسى الأبهري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري، قال: حدثنا شعيب بن واقد) عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد، عن الصادق عن آبائه عن علي (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهي …ونهى أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم[41].

مناقشه

وفيه اولا: ان سند حديث مناهي النبي ضعيف، بجهالة شعيب بن واقد وجهالة اسناد الصدوق اليه وعدم ثبوت وثاقة الحسين بن زيد، وثانيا: ان هذا الحديث حيث يشتمل على مكروهات كثيرة فلا ينعقد ظهور في نقل امير المؤمنين نهي النهي عن شيء فيه في الحرمة بعد اقترانه بنواهي تنزيهية كثيرة، وثالثا: ان من المحتمل رجوع النهي الى التختم بخاتم فيه نقش الحيوان، وقد ورد قبله “نهى عن التختم بخاتم صفر او حديد ونهى أن ينقش…” فلا يرتبط بحرمة نقش الحيوان، بل ولو دل على حرمة نقش الحيوان على الخاتم فلا يلازم ذلك حرمة مطلق نقش الحيوان.

موثقة ابي بصير

2- موثقة ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اتاني جبرئيل وقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وينهى عن تزويق البيوت قال ابو بصير وما تزويق البيوت فقال: تصاوير التماثيل[42].

والظاهر صدق عنوان تصاوير التماثيل للنقش، ولكن مر الاشكال في دلالتها على حرمة الايجاد، حيث ان حذف المتعلق لا يفيد العموم، فلعل المراد منه الاقتناء والتزيين وقد ثبت عدم حرمته، بل هذا هو الظاهر من التعبير بتزويق البيوت.

رواية تحف العقول

3- رواية تحف العقول “لا بأس بصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني[43].

مناقشه

ويقع الكلام تارة في سندها وأخرى في دلالتها، أما سندها فضعيف، لارسال روايات كتاب تحف العقول، وما ورد في ديباجة الكتاب من أني انما اسقطت الاسانيد تخفيفا وايجازا وان كان اكثره لي سماعا…فتأملوا يا شيعة امير المؤمنين ما قالت أئمتكم …وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات (عليهم‌السلام)([44])، فلم ‌يظهر منه كونه ناظرا الى روايات الكتاب، بل لعله بصدد النصيحة بشكل عام بأن يعملوا بكلمات الائمة ولايكونوا كالعامة، فتأمل، على أنه قد يكفي في صدق هذا التعبير وثاقة المشايخ بلاواسطة لابن شعبة صاحب كتاب تحف العقول ويؤيد ما ذكرناه ما قد يقال من ان سند جملة من روايات الكتاب مما هو مذكور في كتب أخرى مشتمل على الضعف .

واما ما قد يقال من أنه لما كان ينسب صاحب كتاب تحف العقول روايات كتابه الى كل من المعصومين بنحو جازم حيث يعبر عنه بأنه قال (عليه‌السلام)، ويحتمل في حقه الحس بأن وصلت اليه بخبر مستفيض بل ومطلق خبر الثقة، فيمكن اجراء أصالة الحس في نقله ففيه أنه لم‌يعلم كون الفرق في التعبير بين “روي” وبين “قال” امرا عرفيا واضحا عندهم، كيف وقد تعارف الآن بين الخطباء نقل روايات الائمة بلسان “قال” ويؤيد ذلك ما نشاهده من كثرة التعبير بذلك في كلمات القدماء كالشريف الرضي في كتبه ويطمئن بعدم وصول جميع ذلك اليهم بطريق صحيح، هذا مضافا الى أنه لم‌يحرز بناء العقلاء على العمل بخبر يعلم بحذف الواسطة او الوسائط فيه بمجرد احتمال وثاقتهم.

وأما دلالتها فقد يقال بأن استعمال لفظ الروحاني في مطلق ما له روح من الإنسان و الحيوان ليس معهودا، فإنّ الروحاني ظاهر في موجود غلبت فيه جهة الروح، فالروحاني في مقابل الجسماني، ففي الكافي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إنّ اللّه- عزّ و جلّ- خلق العقل و هو أوّل خلق من الروحانيّين عن يمين العرش من نوره[45]، وعليه فغاية ما يستفاد من الرواية المنع عن تصوير الملائكة.

الروايات الناهية عن التماثيل

4- الروايات الناهية عن التماثيل، كقوله من مثل مثالا فقد خرج عن الاسلام، وجوابه مضافا الى ضعف سند هذه الروايات كما سبق ان المثال وان كان قد يستعمل في مطلق التصوير كما في بعض الروايات الا أن شبهة انصرافها الى التجسيم قوية، فان المثال هو الشبيه بقول مطلق “نمونه” والنقش ليس كذلك.

ما ورد في أن من صوّر صورة كلّفه الله أن ينفخ فيها

5- ما ورد في أن من صور صورة كلفه الله أن ينفخ فيها ع‍‍ذب وليس بنافخ، كحديث مناهي النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يخفى أن الروايات التي ورد التعبير فيها بالامر بالنفخ وليس بنافخ وان كانت مستفيضة، لكن ورد في بعضها تمثيل التمثال كمرسلة ابن ابي عمير “من مثل تمثالا كلق يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ، وقد مر انصرافه عن النقش، والمهم أن التعبير بالامر بنفخ الروح فيها منصرف الى ما يكون قابلا عرفا لذلك، اي ظاهر هذا التعبير نقص الصورة من جهة الروح فقط، والنقش ليس من هذا القبيل، فلا يتم ما يقال من الامر فيها اعتذاري لا يعتبر تعلقه بالممكن او المقدور، واما ما ذكره الشيخ من قابلية نفخ الروح في لون النقش الذي هو في الحقيقة أجزاء لطيفة من الصبغ، وذكر السيد الخوئي “قده” أن هذا الجواب متين، إذ النفخ حينئذ إنما هو في الأجزاء الصغار، و لا ريب في قابليتها للنفخ لتكون حيوانا، و لا يلزم منه انقلاب العرض الى الجوهر، بل هو من قبيل تبدل جوهر بجوهر آخر[46]، فخارج عن طور فهم العرف، ولا يمنع من انصراف الرواية الى المجسمة.

المختار: البراءة عن حرمة نقش ذوات الارواح

وعليه فيكون مقتضى الاصل العملي البراءة عن حرمة نقش ذوات الارواح، فتختص الحرمة بتجسيم ذوات الارواح.

هذا وقد استدل السيد الخوئي “قده” بالاطلاقات الدالة الناهية عن تصوير ذوات الارواح مع أنه طرحها بضعف السند، وأما ما استدل به على حرمة التماثيل مثل صحيحة البقباق عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): في قول اللّه يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ من محاريب و تماثيل؟ فقال: و اللّه ما هي تماثيل الرجال و النساء و لكنها الشجر و شبهه[47]، فمضافا الى ما مر من شبهة انصراف التمثال الى المجسمة، أن هذه الرواية لا تدل على الحرمة، بل لعل استنكار الامام أن يكون الجن يعملون لسليمان تماثيل الحيوانات لتنزيهه عن عمل مكروه.

حکم تجسیم الناقص

ثم انه وقع الكلام في أن حرمة تجسيم ذوات الارواح هل يشمل تجسيمها الناقص، فقد ذكر الشيخ الاعظم “ره” أنه لو صور بعض اجزاء الحيوان ففي حرمته نظر بل منع، فلو صور نصف الانسان من رأسه الى وسطه فان قدر الباقي موجودا بان فرض انسانا جالسا لا يتبين ما دون وسطه حرم، وان قصد النصف لم يحرم الا مع صدق الحيوان على هذا النصف.

وذكر السيد الخوئي “قده” في المنهاج: يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان سواء أ كانت مجسّمة أم لم تكن، و يحرم أخذ الأجرة عليه، أمّا تصوير غير ذوات الأرواح، كالشجر و غيره فلا بأس به، و يجوز أخذ الأجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، و مثله تصوير بعض البدن كالرأس و الرجل و نحوهما، ممّا لا يعدّ تصويرا ناقصا، أمّا إذا كان كذلك، مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أمّا لو كان تصويرا له على هيئة خاصة مثل: تصويره جالسا أو واضعا يديه خلفه أو نحو ذلك ممّا يعدّ تصويرا تاما فالظاهر هو الحرمة بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة، و لكن النقص‌ لا يكون دخيلا في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل، و يجوز- على كراهة- اقتناء الصور و بيعها و إن كانت مجسّمة و ذوات أرواح[48].

المختار

اقول: تصوير بعض الحيوان ليس تصوير الحيوان بقول مطلق كصنع آنية نصفها من الذهب ونصفها الآخر من الرصاص فانه ليس آنية الذهب، فلا دليل على حرمته، كما ان عمدة دليلنا على الحرمة كانت الروايات المشتملة على أنه يؤمر ان ينفخ فيها وليس بنافخ، وظاهره فرض القابلية العرفية لنفخ الروح فلا يشمل مقطوع الرأس مثلا، نعم لو كان الجزء مما لا يكون مقوما للحياة، كمقطوع اليدين او يرى مجمسة انسان الى صدره كانسان جالس فهو حرام قطعا.

هذا وقد ذكر شيخنا الاستاذ “قده” أنه لو اشتغل اثنان بتصوير حيوان، بأن قصد هذا تصوير بعضه و الآخر تصوير بعضه الآخر، و كان ذلك بعلم كل منهما بفعل صاحبه، فلا يبعد الالتزام بحرمة تصوير البعض في الفرض أخذا بقوله سبحانه “وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ” حيث ان مقتضى الأدلة الأولية عدم جواز تصوير كل مكلف تمام الحيوان، و مقتضى الآية حرمة الاشتراك في تحقيق ذلك الحرام، و ليس المحرم بحسب الأدلة هو إتمام الصورة كما إذا قصد أحد تصوير جسد الحيوان مثلا بلا رأس، بلا علم منه أن الآخر يكمله، و أكمله الآخر برسم الرأس له، فلا يكون فعل الثاني حراما باعتبار كونه إتماما لتلك الصورة، فإن المحرم هو تصوير كل مكلف الحيوان أو الإنسان لا إتمام صورتهما، و تصويرهما لا يصدق على مجرد إتمامهما، كما انه لا يصدق على تصوير بعضهما، و قد تقدم دلالة صحيحة محمد بن مسلم على عدم البأس بتصوير لا يكون حيوانا، كما ان المستفاد من روايات التكليف بالنفخ اعتبار المنهي عنه بنحو يكون بالنفخ إنسانا أو حيوانا. و تصوير بعض أعضائهما لا يكون كذلك[49].

اقول: ما ذكره من حرمة صنع شخص بعض الحيوان وصنع شخص آخر باقيه، تام، لكن لاوجه لمنعه عن حرمة اتمام شخص آخر صنع مجسمة الحيوان فيما اذا لم يكن الشخص الاول الذي صنع بعضها عالما بأن هذا الشخص سوف يكملها، فان استناد الحرام اليهما موجب لحرمته على كل منهما بمقتضى اطلاق الادلة الشامل لصدور الحرام بمشاركة جماعة بلا حاجة الى الاستدلال بقوله تعالى “ولا تعاونوا على الاثم والعدوان” كما أن الاول اذا كان يعلم باكمال الشخص الثاني له فتكون الحرمة منجزة عليه حتى لو كان الثاني غير بالغ مثلا، نعم لو لم يعلم الاول باكمال الثاني له فتجري البراءة عن حرمة عمله.

 



[1] – التبيان ج 1ص 236

[2] – مجمع البيان ج1ص109

[3] – السرائر ج2ص 563

[4] – راجع رسالته الفارسية ص

[5] – المكاسب المحرمة ج1ص 269اقول: اشكل قده في تحرير الوسيلة لاجل ذلك في وقوع التذكية بالذبح بالماكينة الجديدة.

[6] – دراسات في المكاسب المحرمة ج 2ص594

[7] – وسائل الشيعة، ج‌17، ص: 296‌

[8] – المكاسب المحرمة ج1ص 262

[9] – ارشاد الطالب ج 1ص123

[10] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 441

 

[11] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 436

 

[12] – وسائل الشيعة ج5ص 306

[13] – تهذيب الاحكام ج 1ص 459

[14] – رجال النجاشي ص 328

[15] – رجال النجاشي ص424

[16] – رجال الطوسي ص364

[17] – تهذيب الاحكام ج7ص361الاستبصار ج3ص224

[18] – الارشاد ص304

[19] – الرد على أصحاب العدد ص 19

[20] – الرد على أصحاب العدد ص 25

[21] – رجال النجاشي ص

[22] – راجع معجم رجال الحديث ج4ص 130

[23] – راجع معجم رجال الحديث وتهذيب الكمال، ج 3، ص 308، ج 9، ص 517، رجال الكشّي، ص 5، ص 103

[24] – مستدرك الوسائل ج3ص 454

[25] – صحيح البخاري ج 7 ص307، وصحيح مسلم ج 2ص 324، و سنن البيهقي ج 7ص 268

[26] – ذكر “قده” أن لا يبعد أن يكون الكلب بكسر اللام وهو الكلب الذي عرضه داء الكلب “هاري”.

[27] – وسائل الشيعة ج4ص 211

[28] – وسائل الشيعة ج 3ص235

[29] – المكاسب المحرمة ج1ص 257

[30] – ارشاد الطالب ج 1ص124

[31] – وسائل الشيعة؛ ج‌5، ص: 303

[32] – وسائل الشيعة ج17ص 296

[33] – وسائل الشيعة ج‌17 ص 297‌

[34] – المحاسن ج‌2 ص616

[35] – وسائل الشيعة ج5 ص 305

[36] – أمالي الصدوق 1: 127، المجلس 29، الحديث 19، و عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 96، الباب 8، الحديث الأوّل.

[37] – كتاب المكاسب ج‌1 ص 184

[38] – دراسات في المكاسب المحرمة ج 2ص594 ورد عنه في رساله استفتاءات ج‌2، ص: 325 ساختن مجسمۀ انسان يا حيوان اگر براى پرستش باشد جايز نيست و در غير آن نيز احوط ترك است. و نقاشى از صورت انسان يا حيوان اشكال ندارد. ولى مى‌توان گفت: نهى از مجسمه‌سازى و نظاير آن در برخى از روايات، به اين علت بوده است كه در آن زمانها براى پرستش غير خدا و شريك قرار دادن براى او ساخته مى‌شده است؛ بنابراين چنانچه بدين منظور ساخته نشود و فقط جنبۀ هنرى و فرهنگى داشته باشد اشكال نداشته باشد. و در حقيقت از مواردى است كه موضوع حكم به كلى تغيير يافته است.

[39] – راجع منهاج الصالحين للسيد الهاشمي ج2ص 10

[40] – منهاج الصالحين ج2ص 6

[41] – وسائل الشيعة ج17ص 297

[42] – وسائل الشيعة ج5ص 303

[43] – وسائل الشيعة ج17ص85

[44] – تحف العقول ص5

[45] – الكافي ج 1ص21

[46] – مصباح الفقاهة ج 1ص 227

[47] – وسائل الشيعة ج17ص

[48] – منهاج الصالحين ج 2ص 6

[49] – ارشاد الطالب ج1ص 126